= لا تكاد تخلو نبوءة مسياحنية ( تتكلم عن المسيح المنتظر) في العهد القديم من ذكر الحمد أو الصحراء[1] أو كلاهما. والذي يعنينا هنا الحمد . خاصة المزامير وسفر أشعيا وهما أكثر أسفار العهد القديم ذكرا للمسيا " .. يخضع الشعوب لنا، ويطرح الأمم تحت أقدامنا .. لأن الله هو ملك الأرض كلها. رنموا له قصيدة حمد " (مزامير 47 : 3 -7 ).
" ليترأف الله علينا وليباركنا، وليضيء بوجه علينا لكي يعرف في الأرض طريقك، وبين جميع الأمم خلاصك. تحمدك الشعوب يا الله تحمدك الشعوب كلها .."(مزامير67 : 1-5) .
" قد اقبل الله من أدوم ( تيمان)[2]، وجاء القدوس من جبل فاران غمر جلاله السماوات وامتلأت الأرض من تسبيحه (حمده)[3] (حبقوق 3:3 ).
ثم في أشعيا 42، وهي أكثر النبوءات وضوحاً عن المسيا " أنا هو الرب وهذا اسمي . لا أعطي مجدي لآخر، ولا حمدي للمنحوتات .. لتهتف الصحراء ومدتها وديار قيدار المأهولة .. وليمجدوا الرب ويذيعوا حمده في الجزائر " ( 8 – 12 ) .
وقد ذكرت فقرة أن المسيا محمود من الشعوب، " اخلِّد ذكري اسمك في كل الأجيال، وتحمدك جميع الشعوب إلى الدهر وإلى الأبد "(مزامير 45: 17) .
= لعل أعجب ما ذكر في ذلك في العهد القديم هو قول حجي (2 : 7) " ولسوف أزلزل كل الأمم، وسوف يأتي " مشتهى " الأمم ... " .
وقد ذكر القس المهتدى عبد الأحد داود في كتابه " محمد في الكتاب المقدس " ص 50،51" أن أصل كلمة مشتهى
العبري هو " حمدا " Himada وهي تعني كذلك " أحمد" أي " سوف يأتي أحمد ( حمدا) لكل الأمم، لكن المترجم
اختار كلمة " مشتهى " . والعجيب أن نسخة القديس جيروم (vulgate) للكتاب المقدس لم تمس الصيغ العبرية
(ح م د ه) المصدر السابق ص 53 .
= أما قول عيسى الذي أشار إليه النص القرآني فيوجد له نظير إنجيلي يكاد يتطابق معه – لو درسنا عدة مسائل .
" إن كنتم تحبونني فاعملوا بوصاياي وسوف أطلب من الآب أن يعطيكم " معينا "[5] آخر يبقى معكم إلى الأبد،
وهو روح الحق، الذي لا يقدر العالم أن يتقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه، وأما أنتم فتعرفونه لأنه في وسطكم، وسيكون
في داخلكم، لن أترككم يتامى بل سأعود إليكم بعد قليل لا يراني العالم . أما أنتم فسوف ترونني .. وليس هذا الكلام
الذي تسمعونه من عندي، بل من الأب الذي أرسلني .. وأما الروح القدس، المعين الذي سيرسله الآب باسمي فإنه
يعلمكم كل شيء، ويذكركم بكل ما قلته لكم ( يوحنا 14 : 15 – 26 ) ...
وعندما يأتي المعين، الذي سأرسله لكم من عند الآب، روح الحق الذي ينبثق من الآب فهو يؤدي إلى الشهادة .. ( 15
: 26 ) .. من الأفضل لكم أن اذهب، لأني إن كنت لا أذهب، لا يأتيكم المعين ( 15 : 7 ) .. يرشدكم إلى الحق كله،
لأنه لا يقول شيئا من عنده ( 16 / 13 )، وهو متى جاء أخزى العالم على الخطيئة والبر والدينونة، أما على
الخطيئة فلأنهم لا يؤمنون بي وأما على البر فلأني ذاهب إلى الآب فلن تروني، وأما على الدينونة فلأن سيد هذا
العالم قد دين " ( 16 : 8 – 16 ).
في هذا النص عدة مباحث وقبل أن نخوض فيها يجب أن نعلم أن النصارى يفسرون " المعين" أو " المعزى "
على أنه الروح القدس الأقنوم الثالث أو الشخص Person الثالث في عقيدتهم. وهذه النبوءة تعنيه حين ينزل
على أصحاب عيسى بعد خمسين يوما من قيامته من الأموات "ولما أتى اليوم الخمسون، كانوا مجتمعين كلهم في
مكان واحد، فانطلق من السماء بغته دوى كريح عاصفة، فملأ جوانب البيت الذي كانوا فيه، وظهرت لهم ألسنة
كأنها من نار فوقف على كل منهم لسان فامتلؤوا جميعا من الروح القدس، وأخذوا يتكلمون بلغات غير لغتهم، على
ما وهب لهم الروح القدس أن يتكلموا، (أعمال الرسل 2 : 1-4)
* أول تلك المباحث لفظ "المعين " هذه الشخصية صاحبة النبوءة وقد استعيض عنه في طبعات أخرى
بلفظ "المحامي"، "المعزى"، "المؤيد" "المساعد" "المدافع" . " الشفيع" (وهي في الأصل اليوناني "باراقليط")[6] وقد تركتها طبعات أخرى كما هي "باراقليط " (Paraclete) وهي تكتب باليونانية هكذا : باراكليطوس .
هذه الكلمة قريبة جدا من كلمة يونانية أخرى وهي ..
بريكليتوس وهي تعني " أحمد " كما ذكرت طبعة الآباء اليسوعيين القديمة 1969 للكتاب المقدس في هامش الفقرة سالفة الذكر. فهكذا تذكرنا تلك الكلمة بالفقرة القرآنية في أول هذا الفصل، والفرق بين
الكلمتين "باركليتوس" و "بريكليتوس " كما نرى طفيف جداً، فليس ببعيد أن تكون الكلمة في الأصل " بريكليطوس " لكنها نتيجة خطأ "نسخي " تحولت إلى "باراكليطوس" يصبح ذلك مقبولا لو قرأنا قليلا في " علم نقد
النصوص " أو تاريخ الكتاب المقدس . فالكتاب المقدس طبعة "الآباء اليسوعيين " 1989 " يتكلم في مدخل إلى العهد الجديد"[7]عن سبب الفوارق الكثيرة جداً (كما ذكر) بين مخطوطات العهد الجديد فيقول :
" .. واكتشاف مصدر هذه الفوارق ليس بالأمر العسير . فإن نص العهد الجديد قد نسخ ثم نسخ طوال قرون كثيرة بيد نساخ صلاحهم للعمل متفاوت، .. يضاف إلى ذلك أن بعض النساخ حاولوا أحيانا، عن حسن نية، أن يصوبوا ما
جاء في مثالهم وبدا لهم أن يحتوي أخطاء واضحه أو قلة دقة في التعبير اللاهوتي . وهكذا أدخلوا إلى النص قراءات جديدة تكاد أن تكون كلها خطأ . ثم يمكن أن يضاف إلى ذلك كله أن الاستعمال لكثير من الفقرات من العهد
الجديد في أثناء إقامة شعائر العبادة أدى أحياناً كثيرة إلى إدخال زخارف غايتها تجميل النص أو التوفيق بين نصوص مختلفة ساعدت عليه التلاوة بصوت عال[8].
= أما ما لم يذكره هذا " المدخل إلى العهد الجديد " وذكرته دائرة المعارف الأمريكية في باب (P. – 699 Bible: )أن هذه الأخطاء نتيجة أننا ليس لدينا أي من النسخ الأقدم. كما أن هناك أخطاء (اختلافات) متعمدة أدخلها
الناسخ أو صاحب المخطوطة من قبله . أما الأخطاء النسخية والتي أحصاها بعض العلماء فكانت 30.000 (وذلك في أول القرن الـ 18 فما بالنا الآن ) فقسمت إلى أخطاء نتيجة تكرار كلمة أو فقرة (DITTOGRAPHY) ، أو
كتابة كلمة مرة واحدة حيث يجب كتابتها مرتين (HAPLOGRAPHY) أو نتيجة فصل خطأ للكلمات لأن المخطوطات لم تكن تترك مسافات بين كلمة وأخرى بل كانت حروف السطر الواحد تتراص بدون فواصل أو تشكيل (LECITO CONTINUA) .
أما أهم الخطاء التى تعنينا هنا فهي الـ (ITACISM) وهي استبدال حرف (I) (ايوتا) بحروف أخرى قريبة في السمع وهي (E,E,AI,EI,OI) والتى تنطق كلها (I) في اليونانية الهلينية [9] أي إن هذا الحرف خاصة حدث به أخطاء نسخية أكثر من غيره .
ولو نظرنا إلى الحروف اليونانية المكونه لكلمة باراكليطوس والمكونه لكلمة بريكليطوس
لوجدنا الخلاف يكاد يكون منحصرا في الحرف (I) الموجود في الثانية والذي استبدل بـ(A) في الاولى .
- فليس ببعيد أبدا، خاصة بعدما عرضنا لكثرة الأخطاء النسخية – أن يكون حرف (I) في الكلمة هو الأساس، أي إن
كلمة بريكليتوس هي الأصل ثم عن طريق خطأ قريب من الـ(itacism) تحول (I) إلى (A) أي تحولت الكلمة إلى باراكليتوس .
- يساعد على قبول ذلك بشدة معرفتنا لسبب الاختلاف الشديد في ترجمة كلمة باراكليت ألا وهو كون الكلمة غير كلاسيكية وغير معروفة في دنيا الأدب الإغريفي[10]
- ولعل أعجب ما قيل من قبل ردا على مثل ما ذهبنا إليه آنفا هو كلام المستشرق Tisdall في كتابة The Orignal Sources of Quran"" (المصادر الأصلية للقرآن)، ص 190 حيث يقول أن محمدا (صلى الله عليه وسلم)قد أغوى عن طريق جاهل مرتد عن المسيحية خلط بين كلمتي باركليطوس وبريكليطوس التى تعني "أحمد" .
"Muhammed was misled by some ignorant but zealous proselyte or other disciple , who confounded the word used in these verses (johnxiv,16,26.
xv26.xvi 7) with another greek word, which might without a very great stretch of the imagination, be interpreted by the Arabic word' Ahmad " the greatly praised" (P.190)
وقد قال في موضوع آخر ص 142 (الهامش) أن الشخص الذي يخبر محمدا (صلى الله عليه وسلم)بعلم النصارى
قد أخطأ في هذا الخلط عن عمد أو عن جهل في هذا الآمر. أي أنه (صلى الله عليه وسلم) قد أدرك، أو أدرك معلمه الفرق الطفيف بين الكلمتين فحرفا كلمة باراكليت تحريفا بسيطا لتصبح بريكليت فتعطي معنى الحمد ولسان حالهما
يقول للنصارى لقد كتبت الكلمة في إنجيلكم خطأ أو أن جهل هذا المعلم قد صادف كون اسم النبي (صلى الله عليه وسلم)فيه معنى الحمد !!
وصلى الله على محمد وعلى اله واصحابه اجمعين وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته تحيااااااااااااااتي
اسمه صلى الله عليه وسلم في الإنجيل البيريكليت أي أحمد