إن الحق سبحانه وتعالى عندما يذكر في القرآن الكريم شيئا عن حاكم مصر في عصر موسى عليه السلام .. كان يسميه فرعون .. أي أن الذين حكموا مصر أطلق عليهم القرآن اسم الفراعنه .. فيقول تعالى : ( فال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون ) سورة الزخرف
وهذا يتفق مع التاريخ في أن الذين حكموا مصر في العصور القديمة هم الفراعنة .. إذن حكام مصر القدامى فراعنة .. والقرآن سماهم فراعنة .. فإذا أتينا إلى سورة يوسف عليه السلام وجدنا أن الله سبحانه وتعالى , وهو يروي لنا في القرآن الكريم قصة يوسف عليه السلام في مصر .. لم يلقب حاكم مصر بفرعون .. بل لقبه بالملك فقال تعالى : ( وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي ) سورة يوسف
وقوله تعالى : ( وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف ) إذن فثابت من القرآن الكريم أن يوسف عاش في مصر .. وأنه خلال وجوده في مصر اختلف في القرآن الكريم اسم حاكم مصر .ز فلم يكن يلقب بفرعون .. بل لقب باسم الملك ويمضي الزمن ويكتشف حجر رشيد ثم تحل رموز اللغة المصرية القديمة .. ويثبت أن يوسف عليه السلام عاش في مصر في الفترة التي احتلها فيها الهكسوس .. وأن هؤلاء لم يكونوا من الفراعنة .. وأن حاكمهم كان يطلق عليه اسم الملك .. ولم يكن يطلق عليه اسم فرعون .. وأن المصريين طردوا الهكسوس .. وعاد الفراعنة إلى الحكم مرة أخرى ..
من الذي أنبأ محمدا عليه السلام بهذه الحقائق التاريخية التي لم يعرفها العالم إلا في الفترة الأخيرة بعد اكتشاف حجر رشيد ؟! وكيف علم أن يوسف عليه السلام كان في عهد الهكسوس .. وأن موسى عليه السلام كان في عهد الفراعنة
وهكذا يأبي الحق سبحانه وتعالى إلا أن يعطينا الدليل المادي التاريخي على إعجاز هذا القرآن .. وعلى أن الله يعلم ما في الدنيا والآخرة .. وأنه بكل شيء عليم . وحتى يظهر ذلك لعباده وبالدليل المادي جاء بحقيقة تاريخية لم يكن يعلمها أحد من البشر وقت نزول القرآن .. وذكرها في كتابه العزيز..حتى إذا تقدم الزمن وكشف الله لخلقه ما شاء من علمه .. ظهرت لهم هذه الحقيقة لتكون عطاء وإعجازا جديدا للقرآن الكريم .. في الوقت الذي تظهر فيه هذه الحقيقة وتخرج إلى علم البشر .. حتى تكون معجزة من معجزات القرآن يظهرها الله بعد نزول القرآن الكريم بقرون عديدة
على أن الله سبحانه وتعالى قد أعطى من أسرار ملكه ما شاء لمن يشاء وكشف عما شاء من علمه لمن يشاء .. ولكنه احتفظ لنفسه بعلم بدء الحياة أو الخلق .. وبعوامل استمرار الحياة .. وبنهاية الحياة وهي الموت .. فمهما تقدم العلم وازدهر.. وكشف الله من أسرار كونه .. فإن الله هو الذي يحي ويميت .. وسيظل يحيى ويميت إلى أن تأتي الآخرة ويتم الحساب .. وتقبض روح ملك الموت .. فلا يصبح هناك موت .. ولكن خلود .. إما في الجنة وإما في النار
من كتاب الأدلة المادية على وجود الله
محمد متولي الشعراوي